الوساطة” القطرية: كيف تخدع الدوحة العالم بينما تبيع دماء الفلسطينيين؟

الوساطة” القطرية: كيف تخدع الدوحة العالم بينما تبيع دماء الفلسطينيين؟

- ‎فيدولي, واجهة
IMG 20250515 WA0060

راديو إكسبرس

البث المباشر

 

في خضمّ المأساة الإنسانية التي تعيشها غزة في ظل القصف الإسرائيلي اليومي، تبرز “وساطة” قطرية تزعم السعي لوقف الحرب، لكن الوقائع تكشف أن الدوحة تستخدم المعاناة الفلسطينية كعملة تفاوضية لتعزيز نفوذها وعلاقاتها مع واشنطن. فبينما تُباد عائلات تحت الأنقاض، وتُغتال أحلام جيل من الأطفال، تتحول قضية غزة في الدوحة إلى مجرد ورقة في لعبة مصالح أكبر، حيث تُباع التنازلات وتُشترى المواقف، ويُصبح الدم الفلسطيني مجرد سلعة في سوق المساومات السياسية.

الإفراج عن الأسير الأمريكي مؤخراً لم يأتِ ضمن أي اتفاق لوقف إطلاق النار أو تحسين أوضاع المعتقلين الفلسطينيين، بل كان جزءاً من مسار موازٍ لتعزيز العلاقة مع واشنطن. مصادر مقرّبة من الملف تؤكد أن الدوحة خططت لاستقبال ترامب في قصر الأمير تميم لو لم يُلغِ الزيارة بحجة “ظروف صحية”، ما يكشف أن العملية كانت مُعدّة سلفاً لخدمة الحملة الانتخابية لترامب، وليس كجزء من جهود حقيقية لإنقاذ غزة. السؤال الذي يفرض نفسه هنا: كيف تُبرر قطر التفاوض على أرواح الغزيين بينما تُهدي واشنطن إفراجاً انتقائياً يخدم سياستها الداخلية؟

وفي نفس الأسبوع الذي أُعلن فيه عن “تقدم” في المفاوضات، وقّعت قطر صفقة بقيمة 10 مليارات دولار لتمويل قاعدة العديد العسكرية الأمريكية، ووافقت على مضاعفة استثماراتها في السوق الامريكية. المفارقة الصادمة أن هذه الأموال، التي كان من الممكن أن تُحوّل إلى مساعدات عاجلة لإعادة بناء المستشفيات المدمرة أو إنقاذ الأسر الجائعة في غزة، ذهبت لتعزيز الوجود العسكري الأمريكي في المنطقة. أين هي المليارات التي تُنفق على دعم غزة حقاً، وليس فقط على تصريحات الفضائل في وسائل الإعلام؟

الوثائق المسرّبة من مفاوضات الدوحة تكشف أن قيادات حماس واجهت ضغوطاً قطرية لقبول شروط لا تضمن حتى وقفاً مؤقتاً للقتل، فيما تُبقي الملف مفتوحاً للابتزاز السياسي. تصريحات مسؤولين غربيين أشادت بـ”مرونة قطر” في إدارة الملف، بينما لم يُذكر أي ضغط حقيقي لوقف الحرب. هل تحوّلت قيادات حماس إلى رهائن في فنادق الدوحة الفاخرة، حيث تُباع تنازلاتها تحت شعار “الواقعية السياسية”؟ أم أن الدم الفلسطيني أصبح مجرد وسيلة للتفاوض على مزيد من النفوذ والمال؟

وفي مفارقة تستحق التوقّف، تُوجّه قناة الجزيرة الدراع الإعلامي لقطر، أصابع الاتهام إلى دول عربية أخرى مثل المغرب لـ”التطبيع” مع إسرائيل، بينما تُغفل القناة ذاتها أن قطر نفسها تستضيف أكبر قاعدة أمريكية في المنطقة، وتُموّل صناعة ونقل السلاح الأمريكي من قطر إلى إسرائيل. كيف يُهاجم البعض ميناء طنجة المغربي تحت عنوان “التواطؤ”، بينما تمرّر الصفقات العسكرية القطرية-الأمريكية كـ”استثمارات استراتيجية”؟ أليس هذا هو الكيل بمكيالين بعينه؟

الحقيقة المرة هي أن الدم الفلسطيني لم يعد سوى رقم في معادلة المصالح القطرية. الوساطة التي تزعم الدوحة أنها تقودها لم تُنتج سوى مزيد من القتلى. آن الأوان لأن يعرف العالم أن قطر لا تنقذ غزة، بل تنقذ مصالحها فوق جثث أطفالها. فهل من صوت يعلو فوق صرخات الضحايا ليُسمع الحقيقة؟ أم أن الصمت سيبقى هو اللغة الوحيدة المسموحة في سوق المساومات هذا؟

Loading

‎إضافة تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *