راديو إكسبرس
البث المباشر
محمد تحفة/
لمن تفاجأ من وقاحة تدوينة الهناوي ، وتجرؤه على رؤساء الدول العربية و ملوكهم أقول ، إن تدوينة المسمى الهناوي تتماهى مع فكر الإخوان الذي يذيب الدولة الوطنية في إطار “الأمة الإسلامية”، وهذا ما جعلهم يصطدمون بالأنظمة السياسية الوطنية في مصر، سوريا، المغرب، تونس وغيرها، لأنها لا ترى في الدولة الوطنية السيادة العليا، بل مجرد مرحلة أو أداة للوصول إلى “الخلافة الإسلامية”.
لا يمكن لمن جعل ولاءه للفكر الإخواني العابر للحدود أن يزايد على وطنية المغاربة.
المغرب بقيادة جلالة الملك يتخذ قراراته باستقلالية وسيادة، بينما خصومه لا يملكون إلا خطاباً صاخباً بلا فعل، مبني على ازدواجية وولاءات أجنبية.
الدفاع عن فلسطين لا يمر عبر سبّ المغرب وملكه، بل عبر بناء قوة وطنية مستقلة ومتماسكة، وهو ما يجهله أو يتجاهله هؤلاء.
من يسمون أنفسهم “مناهضي التطبيع” في المغرب، وفي مقدمتهم بعض رموز الإخوان، لا يملكون شجاعة سياسية حقيقية. يكتفون بالتهجم على وطنهم وملكهم، بينما يغضون الطرف عن دول وكيانات نسجت علاقات استراتيجية عميقة مع إسرائيل منذ عقود.
يتحدثون عن “الخيانة” و”الرجولة”، لكنهم يصمتون صمت القبور أمام تركيا، حاضنتهم الإيديولوجية، وهي أول دولة إسلامية وقعت اتفاقيات عسكرية وتجارية مع إسرائيل منذ السبعينات. والادهى من ذلك أنهم لايكون حرجا في التنسيق مع حركات أو أنظمة تطعن في الوحدة الترابية للمغرب (مثل النظام الجزائري أو جبهة البوليساريو كما فعل الرخيص) بدعوى “الموقف القومي أو الإسلامي”.
يرفض التطبيع مع إسرائيل لأنه “خيانة”، لكنه يقبل بالتقارب مع أطراف تعادي المغرب في قضاياه الوطنية. الجزائر ، إيران….
إنهم يعتاشون على الدولة الوطنية نفسها: مناصب، رواتب، دعم، جمعيات… وفي الوقت نفسه يرفضون منطق الدولة ويعتبرونها مجرد مرحلة عابرة نحو “أمة إسلامية” لا وجود لها إلا في خيالهم. إنهم يأكلون من خبز الوطن ويطعنونه في الظهر.
المغرب اختار طريقاً عقلانياً يدعم الشعب الفلسطيني في نضاله المشروع، وفي الوقت نفسه يوظف أدوات السياسة الدولية – حتى لو شملت إسرائيل – لتثبيت وحدته الترابية وتعزيز مكانته الإقليمية. أما هم، فلا يملكون سوى شعارات بالية لا تسمن ولا تغني من جوع.
الحقيقة واضحة مناهضو التطبيع لا يعادون إسرائيل بقدر ما يعادون المغرب نفسه، ولا يدافعون عن فلسطين بقدر ما يبيعون الوهم باسمها. الوطن عندهم مجرد شعار ثانوي، بينما السوق مفتوح لمن يدفع أكثر.
![]()









