راديو إكسبرس
البث المباشر
محمد تحفة/
يا سلام: ذات مرة اجتمع ثلاثي الكوميديا السوداء السدراوي، المديمي، وحليم… أو كما يمكن تسميتهم “أصدقاء النضال بالصندالات”، الذين يحسبون أن الاعتصام أمام رئاسة النيابة العامة هو فرصة لالتقاط صور فيسبوكية أكثر منه موقفاً حقوقياً جاداً. وجاءت وقفتهم المزعومة، التي حضرها بعض المتشردين بدعوة كريمة منهم، ولاننسا فجر البوالة رفيقة درب حلومة و لافتات نيف الرضاعة لتتحول إلى نكتة تروى في أروقة الرباط.
مرة أخرى السدراوي، فها هو لا يخذلنا من حيث الإثارة… ينشر تهديداً بالاعتصام في أحد قصور جلالة الملك (!) وكأن المؤسسات صارت “رياض عمّو” ينظم فيها احتجاجاته على كيفه، ثم يمسح المنشور مثل تلميذ خائف بعد أن من نصحه بالحذف؟ الراضي؟ أم إلياس العماري؟ من منهم لا يزال يعطيه أوهام التوجيه؟ كل ما في الأمر أن الرجل يصيح كل مرة ثم يبلع صياحه بمجرد أن يشعر أن يشعر بالبرد، – خيط سخون داز و من بعد جا البرد – ويقول “لن أرد”، ثم يرد، ثم يمسح، ثم يعود وينشر “بلاغ كرامة”… وكأن الكرامة نفسها تريد أن تُبعد اسمها عن هذه المهزلة.
يذكرنا هذا بحسن المولوع صاحب العادة السريّة الذي كتب رسالة لمستشار الملك، بكل وقار البروتوكول وكأنه أحد رجال الدولة العميقة… ثم تراجع عنها وكأن شيئًا لم يكن. المشكلة ليست في الرسالة، بل في ذاكرة الإنترنت التي لا تنسى: فمن اعتاد أن ينسى إغلاق الكاميرا في لحظات الحميمية، لا يحق له أن يفتحها علينا فجأة وهو يلبس جبة الواعظ السياسي!” الناس تتطور من أخطاءها، لكن بعضهم يتطور فقط في زاوية الكاميرا: من مشهد محرج إلى مشهد متصنع. وفي الحالتين، الجمهور يشاهد ويبتسم في صمت!
هو مرة أخرى إدريس السدراوي، بعدما ضاقت به السبل وتطايرت حوله الشبهات، قرر أن يختبئ خلف “بلاغ كرامة” أشبه ببلاغ استغاثة، وركب موجة الذكاء الاصطناعي مرّة أخرى ظنًّا أنه سيحصل على “ترجمة دولية” لبلاغه، علّ وعسى يصدقه أحد في واشنطن أو جنيف! لكن كالعادة، أخطأ الرجل اللغة والمنطق معًا، فجاءت ترجمته أقرب إلى “Google Translate on tranquilizers” منها إلى خطاب نضالي دولي.
البلاغ يُظهر محاولة يائسة لتلميع صورة متآكلة بورنيش حقوقي، فكيف لمن يدّعي الدفاع عن الكرامة أن يتحول إلى ناطق باسمها فقط عندما تُمس “كرامته الخاصة”؟ أما باقي الكرامات، التي داس عليها الراضي و مافيات الاراضي السلالية فدعها تموت في صمت، طالما لا تهدد جداول رحلاته بين مالقا والرباط.
ثم ما هذه الشجاعة المفاجئة التي دفعته إلى تعليق “أنشطته في أوروبا”؟ هل توجد أراضي سلالية بأوروبا أم ذوي حقوق من أصحاب عطيني 200 درهم نعطيك بكاقة إنخراط في الرابطة؟ وهل يقصد بذلك اللقاءات المشبوهة، أم المؤتمرات الوهمية التي لا يحضرها إلا ظلّه في الكواليس؟ قرر العودة “للتفرغ” وكأن البلاد تنتظره ليقود معركة “الكرامة الكبرى”، والحقيقة أنه فقط يحاول الهروب من أسئلة تلاحقه كظله: من يموله؟ من يحميه؟ ولماذا لم نرَ منه هذا الحماس عندما كان جيراندو و الحيجاوي و المومني يهاجمون البلاد و العباد ؟ لمذا بلع لسانه الا عن وهبي ؟
أما دعوته “للمنظمات الدولية” لنصرته، فهي قمة المفارقة، كأنّه نسي أن هذه المنظمات تميز جيدًا بين النضال الحقوقي الحقيقي، وبين من يحاول توظيفه لحماية نفسه من فضائح بدأت تتسرب كالزيت من كيس مهترئ و لعلّ ليس آخرها توقيف الصفة الاستشارية لمدة ستة أشهر – إنذار من هيئة أممية و ياللمفارقة عجيييييب !!!!
وفي النهاية، يبقى السؤال: هل نصدق من يقول “أنا تحت تصرف العدالة” بينما هو أول من يلوذ بالصراخ الإعلامي كلما اقتربت منه العدالة فعلاً؟
![]()









