اوسار أحمد
دخل المغرب مرحلة جديدة في مسار التنمية المستدامة، بإطلاق نسخة محينة من استراتيجيته البيئية تمتد حتى عام 2035. ليلى بنعلي، وزيرة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة، قدمت ملامح هذه الوثيقة أمام لجنة برلمانية، مؤكدة أن المملكة باتت تنخرط في دينامية جديدة لتحقيق التوازن بين النمو الاقتصادي والحفاظ على الموارد الطبيعية.
النسخة الجديدة تأتي بعد مراجعة شاملة للاستراتيجية السابقة المعتمدة سنة 2017. التقييم كشف عن تقدم واضح في التنسيق بين القطاعات، وتحديد الأولويات، وإرساء منصة رقمية لتتبع التنفيذ. لكن في المقابل، ظهرت ثغرات مثل غياب أدوات للرصد على المستوى المحلي، وصعوبة قياس بعض المؤشرات، وعدم ملاءمة بعض التدابير مع التحولات السريعة في السياسات العمومية.
الاستراتيجية الجديدة تقوم على ستة مجالات للتحول: حماية الموارد البيئية، ضمان عدالة الولوج للخدمات، تسريع الانتقال نحو اقتصاد أخضر، تعزيز الأمن الطاقي والمائي والغذائي، تقليص الفوارق المجالية، وحماية الموروث الثقافي. ويجري تفعيل هذه المحاور من خلال خمس رافعات: تنمية الرأسمال البشري، تسريع التحول الرقمي، دعم الابتكار، إصلاح المنظومة القانونية والجبائية، وتعبئة التمويل الأخضر.
الوزيرة أوضحت أن هذه الوثيقة ليست مجرد خطة إدارية، بل حصيلة مشاورات وطنية واسعة. المناظرات الجهوية شملت مختلف مناطق المملكة، كما جرى استدعاء رأي المجتمع المدني والقطاع الخاص ومغاربة المهجر عبر منصة رقمية مفتوحة.
الاستراتيجية تؤسس لنظام حكامة متعددة المستويات. لجنة وطنية برئاسة رئيس الحكومة تشرف على التنزيل، إلى جانب لجان جهوية وقطاعية، مع اعتماد برمجة مالية كل ثلاث سنوات وتحيين دوري لمؤشرات التنفيذ كل عامين. هذا الهيكل يهدف إلى ضمان استمرارية التنفيذ وفعاليته.
في محور تدبير النفايات، كشفت بنعلي عن حصيلة برنامج 2008-2022، والذي حقق جمعًا للنفايات بنسبة 96%، وتأهيل 67 مطرحًا، وإنجاز عشرات المخططات الجهوية. استثمارات البرنامج بلغت 21 مليار درهم، ساهمت الوزارة بـ3,1 مليارات درهم منها.
أما الرؤية الجديدة لتدبير النفايات، فتمتد إلى عام 2034، وتركز على خفض معدل الطمر، وتعزيز التدوير، واستعمال النفايات في إنتاج الطاقة. اتفاقية مع قطاع الإسمنت لإنتاج الوقود البديل (RDF) تشكل ركيزة هذا التوجه، بدعم تقني من البنك الدولي، واستثمار يتجاوز 21 مليار درهم.
الوزيرة شددت على أن استيراد النفايات القابلة للتدوير يخضع لضوابط قانونية صارمة، بموجب القانون رقم 28.00. بين عامي 2021 و2025، منحت الوزارة 136 ترخيصًا، أغلبها لاستيراد الإطارات المطاطية، والباقي لبلاستيك ونسيج ومواد أخرى.
رسالة الوزيرة كانت واضحة. الانتقال البيئي ليس مهمة قطاعية تخص وزارة بعينها، بل ورش وطني مشترك، يتطلب انخراطًا جماعيًا من مؤسسات الدولة والمجتمع المدني والقطاع الخاص. المغرب، حسب قولها، يعزز ريادته في المجال البيئي على الصعيد الإقليمي والدولي، مستندًا إلى التوجيهات الملكية والنموذج التنموي الجديد، ومبادئ التنمية المستدامة للأمم المتحدة.
تنبيهات : بنعلي :" المغرب ملتزم بقوة لإنجاح تحوله الطاقي" | اكسبريس TV