الجزائر تشن هجومًا خبيثًا على الإمارات لصرف الأنظار عن ازماته الداخلية

الجزائر تشن هجومًا خبيثًا على الإمارات لصرف الأنظار عن ازماته الداخلية

- ‎فيواجهة, دولي
IMG 20250502 WA0174

 

 

في تصعيد لافت وغير مسبوق، شنّ التلفزيون الجزائري الرسمي هجوماً عنيفاً على دولة الإمارات، مستخدماً عبارات حادة تجاوزت حدود الأعراف الدبلوماسية وأدبيات الإعلام. الهجوم لم يكن مجرد موقف، بل حملة منسقة تعكس تحوّل الجزائر من دولة مؤسسات إلى سلطة تُدار بعقلية العصابات، تتحكم بها مجموعة من الجنرالات وتُسخّر أدوات الدولة لتصفية الحسابات وبثّ الفتن.

في نشراته وتقاريره، وصف الإعلام الرسمي الإمارات بأنها “دويلة مصطنعة” و”كيان هجين يفتقر للجذور والسيادة”، متّهماً إياها بالتحريض وبثّ السموم، ومحاولة طعن هوية الشعب الجزائري وتاريخه. هذا الخطاب لم يحمل أي منطق سياسي أو تحفظ دبلوماسي، بل قدّم نفسه كإعلان عداء مفتوح يتبنى لغة التخوين والتشهير، بعيداً عن المهنية والرصانة.

لكن هذا التصعيد لا يمكن فصله عن السياق الداخلي الجزائري. فشل سياسي متراكم، اقتصاد يترنح، ومجتمع يئنّ تحت ضغط القمع والتضييق، يقابله نظام يحاول منذ سنوات حرف الأنظار عن أزماته المفتوحة، باللعب على وتر الأعداء الخارجيين. في كل مرة تشتد فيها الضغوط الشعبية، يختلق النظام خصماً وهمياً. واليوم، اختار الإمارات.

السلطة الحقيقية في الجزائر لا توجد في قصر المرادية، بل في الثكنات. مجموعة من الجنرالات تمسك بخيوط الحكم، وتتحكّم في الإعلام، وتوجهه لخدمة مصالحها الضيقة. هؤلاء لم يغفروا للإمارات استقرارها، ولا علاقاتها الواسعة، ولا نجاحاتها في بناء نموذج تنموي عربي حديث. يزعجهم أن هناك من يكسب احترام العالم دون شعارات جوفاء، ومن يبني دولته بمؤسسات لا ببيانات عسكرية.

خارج حدود الجزائر، لم يعد النظام يحظى بكثير من الثقة. دعمه لحركات انفصالية، واحتضانه لجماعات مسلحة، وتدخله في شؤون دول إفريقية، من مالي إلى ليبيا والنيجر وبوركينافسو، وضعه في خانة الدول المثيرة للقلق. تحول من شريك محتمل إلى عبء دبلوماسي وأمني، يثير الحذر حيثما تحرك.

ورغم كل هذا، لم تتخذ الإمارات أي خطوة عدائية تجاه الجزائر. لم تهاجم، لم تتدخل، لم تلوّح. لكن الرد الرسمي الجزائري جاء محمّلاً بالتحريض والكراهية، بطريقة تطرح تساؤلات حول نوايا السلطة ومن يقف خلف هذا التصعيد. فالذي يملك قضية لا يستخدم الشتائم، والذي يثق بشعبه لا يحتمي بالإعلام الرسمي لتبرير مواقفه.

الخطاب الذي خرج من التلفزيون الجزائري لم يعبّر عن خلاف سياسي بقدر ما عكس أزمة هوية تعيشها منظومة الحكم هناك. أزمة تفرّغ فيها طاقات الدولة لإنتاج خطاب كراهية، بدل صناعة أمل لشعب يتوق للتغيير. وإذا كانت الجزائر قد اختارت هذا المسار، فإن الإمارات تدرك جيداً كيف تحصّن نفسها، وترد .

Loading

‎إضافة تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *