حروب الجيل الخامس في المغرب: بين الأكاذيب الإعلامية واستثمار العنف الوهمي

حروب الجيل الخامس في المغرب: بين الأكاذيب الإعلامية واستثمار العنف الوهمي

- ‎فيواجهة, مجتمع
IMG 20251014 WA0026

راديو إكسبرس

البث المباشر

 

نجيبة جلال

انطلقت الاحتجاجات الأخيرة من دعوة مجهولة المصدر على شبكات التواصل الاجتماعي، استهدفت، بحسب الخطاب المضلل، تعبئة ما يُسمى بـ”جيل زد”. لكن الحقيقة، والتي لا يمكن تجاهلها، هي أن مصطلح “جيل زد” لا يعكس أي واقع ملموس داخل المجتمع المغربي؛ فهو مجرد وسيلة تكتيكية لتصوير شباننا كمصدر دائم للاضطراب، وإضفاء شرعية وهمية على احتجاجات مصممة مسبقًا من قبل أصوات مألوفة ذات سوابق قضائية. هذه الأصوات، سبق استغلالها من قبل جهات معادية للمملكة في محاولات سابقة لتشويه الصورة الحقوقية للمغرب، وتكرّس اليوم نفس الاستراتيجية ضمن مرحلة حروب الجيل الخامس التي لا تزال في بدايتها على أرض الوطن.

بدا الاحتجاج، كما يُصور، سلميًا في البداية، لكنه تحوّل بسرعة إلى أعمال عنف منظمة في عدد من المدن، مستهدفة الأمن والممتلكات العامة والخاصة. فقد أصيب 263 عنصرًا من الأمن الوطني، وتعرضت عشرات السيارات والمؤسسات للتخريب. وبلغت ذروة الانحدار في **حادثة إنزكان، حيث حاولت مجموعة اقتحام مركز للدرك الملكي للاستيلاء على الأسلحة، الأمر الذي اضطر القوات إلى ردّ فعل دفاعي مشروع، أسفر عن مقتل ثلاثة من المهاجمين.

ورغم محاولات بعض المنابر الأجنبية تصوير الواقعة على أنها عنف بوليسي، فإن التوثيقات المصورة أثبتت التزام القوات بضبط النفس والتدخل وفق القانون، مع اعتماد سياسة متحفظة بعيدة عن أي استعمال مفرط للقوة. وتم توقيف 409 شخصًا، معظمهم وفق الإجراءات القانونية وتحت إشراف النيابة العامة.

القانون الجنائي المغربي صارم وواضح، مع عقوبات تصل إلى السجن المؤبد أو الإعدام في حالات محددة، وتحميل أولياء القاصرين المسؤولية المدنية، واحتفاظ الدولة بحقها في المطالبة بالتعويض عن الأضرار المادية والمعنوية. هذه الإجراءات تؤكد أن الدولة لن تتهاون مع من يحاول المساس بأمن الوطن أو بث الفوضى.

ما يحدث اليوم هو بداية مرحلة استراتيجية من حروب الجيل الخامس، والتي تستهدف إضعاف الدولة من الداخل عبر خلق توترات وهمية واستغلال شبان بلا وعي سياسي حقيقي. ومن المتوقع أن تكاثر مثل هذه الهجمات في السنوات المقبلة، ما لم يتم تفعيل استراتيجية وطنية متكاملة للتوعية والتأطير. هنا يأتي دور الإعلام كأداة أساسية، ليس فقط في نقل الأخبار، بل في تصويب الفهم، وتفكيك الأكاذيب، وحماية المجتمع من الانجرار وراء سرديات مضللة.

إن التحدي الحقيقي اليوم، والذي يجب أن يفهمه القائمون على القطاع الإعلامي، هو أن المرحلة المقبلة تتطلب انضباطًا صارمًا للصحافيين، ووعيًا كاملاً بمسؤوليتهم الوطنية، وإلا فإننا سنظل غارقين في معارك جانبية لا تفيد إلا الأفراد، بينما تبقى الدولة وأمنها الوطني هدفًا لمن يراهن على الفوضى والتشويه.

في النهاية، المسألة ليست مجرد مواجهة احتجاجات عابرة، بل حرب على الوعي والحقائق، واستثمار المخاطر الوهمية في تمهيد الطريق لخطط معادية لمستقبل المملكة. والرهان الوحيد القادر على إحباط هذه المحاولات هو التأطير والتوعية والاستراتيجية الإعلامية المحكمة، مع المحافظة على التوازن بين حرية التعبير ومسؤولية المواطن والصحافي على حد سواء.

Loading

‎إضافة تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *