كوني هيديغارد : مفوضة الاتحاد الأوروبي للعمل المناخي في الفترة (2010-2014)، ووزيرة البيئة (2004-2007)، ووزيرة المناخ والطاقة في الدنمارك (2007-2009).
آن هوير سيمونسن : المديرة التنفيذية الأولى ورئيسة سياسة المناخ في اتحاد الصناعة الدنماركية.
كريستيان إيبسن : الرئيس التنفيذي لمركز الأبحاث البيئية “كونسيتو”.
كوبنهاغن – مضى أكثر من عام منذ أن اقترحت المفوضية الأوروبية المرحلة التالية في مسار الاتحاد الأوروبي نحو الحياد المناخي: خفض انبعاثات الغازات الدفيئة بنسبة 90% بحلول عام 2040. ومع ذلك، لا نزال ننتظر أن يتحول هذا المقترح إلى قانون، مما يثير القلق من أن الكتلة تركز على أولويات أكثر إلحاحًا – وهي إعادة بناء الدفاعات وإحياء القدرة التنافسية.
لكن في الواقع، فإن بناء اقتصاد نظيف من شأنه أن يساعد في معالجة فجوات الإنتاجية والابتكار والأمن في الاتحاد الأوروبي. ولهذا السبب، ورغم اختلاف خلفياتنا في الصناعة والسياسة ومراكز الأبحاث، فإننا ندعو صانعي السياسات الأوروبيين إلى الالتزام بالهدف الطموح المتمثل في خفض الانبعاثات داخليًا بحلول عام 2040، ودعم الاستثمارات والمبادرات المناخية الاستراتيجية التي ستعزز أمن الطاقة والقدرة التنافسية لأوروبا.
كما أوضح “الاتفاق الصناعي النظيف” للاتحاد الأوروبي، فإن العمل المناخي يُعد محركًا اقتصاديًا قويًا يجب استغلاله لتعزيز القدرة التنافسية لأوروبا الآن وفي المستقبل. فبدون تحسين أمن الطاقة وخيارات التنقل والمرونة الصناعية، لا يمكن للاتحاد الأوروبي أن يأمل في منافسة الولايات المتحدة والصين في العقود القادمة.
لقد التزم الاتحاد الأوروبي بالفعل بتخصيص أموال كبيرة لتأمين مصادر الطاقة وتحديث الصناعة، لكن العقبات الكبرى لا تزال قائمة – وهو ما حذر منه ماريو دراجي في تقريره لعام 2024 بشأن مستقبل التنافسية الأوروبية. ولتجاوز هذه التحديات، يجب على الاتحاد مراجعة أولوياته الاستثمارية، وتوفير إطار تشريعي يمكن التنبؤ به، وإرسال إشارات واضحة للمستثمرين من القطاع الخاص، لتعزيز الثقة في مسار الاقتصاد منخفض الكربون. وتتمثل الخطوة الأولى في تنفيذ التشريعات المناخية القائمة، مثل حزمة “الاستعداد للـ55”.
الاعتماد على مصادر الطاقة النظيفة المحلية بدلاً من واردات الوقود الأحفوري المكلفة والمتقلبة سيعزز من أمن الاتحاد واستقلاله الطاقي واستقراره الاقتصادي، مما يعود بالنفع على الحكومات والشركات والأسر عبر خفض التكاليف. ووفقًا للتقييم التأثيري للمفوضية الأوروبية بشأن أهداف عام 2040، يمكن للاتحاد توفير 160 مليار يورو (179 مليار دولار) سنويًا من خلال كهربة اقتصاده وتقليص وارداته من الطاقة إلى النصف بحلول عام 2040. ولتوضيح الصورة، فإن الاستثمار السنوي للاتحاد الأوروبي في شبكات الكهرباء والطاقة المتجددة سيزيد بحوالي 40 مليار و30 مليار يورو على التوالي.
ويؤكد تقرير جديد صادر عن منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي أن العمل المناخي الطموح، بالإضافة إلى كونه ضرورة بيئية، يقدم أيضًا مكاسب اقتصادية. وتدعم الأبحاث الحديثة هذا الطرح، حيث خلصت إلى أن النماذج الاقتصادية السابقة قد قللت من تأثير الاحتباس الحراري. فارتفاع درجات الحرارة بمقدار 4 درجات مئوية قد يجعل الشخص العادي أفقر بنسبة 40%، وهو أعلى بكثير من التقديرات السابقة. حتى ارتفاع بدرجتين مئويتين فقط قد يؤدي إلى انخفاض بنسبة 16% في الناتج المحلي الإجمالي للفرد عالميًا. وتوضح هذه النتائج الحاجة الملحة إلى العمل المناخي لتجنب تداعيات اقتصادية وخيمة.
إن المخاطر الضخمة الناجمة عن تغير المناخ ستزداد فقط، بينما ستتراجع قدرتنا على احتوائها مع مرور كل عام من التقاعس. بالطبع، سبق لصانعي السياسات أن أطلقوا دعوات مماثلة للتحرك، في حين ألقى المشككون باللوم على أهداف إزالة الكربون الطموحة في التحديات التي تواجهها الكتلة حاليًا، مطالبين بتقليل الطموحات باسم التنافسية. لكن مواطن الضعف الاستراتيجية في الاتحاد تنبع من فشله في السعي لتحقيق أهداف طموحة بما فيه الكفاية.
تحقيق هدف عام 2040 ضروري لأنه يمثل علامة فارقة تحدد مسار الجهود المناخية الأوروبية حتى منتصف القرن. كما أنه سيساعد في توضيح التزاماتنا بموجب اتفاق باريس للمناخ لعام 2015. وحتى الآن، لم يقدم الاتحاد الأوروبي مساهمته المحددة وطنياً المحدثة، بما في ذلك هدف خفض الانبعاثات لعام 2035، رغم أن الموعد النهائي الرسمي لذلك قد مضى. ويجب أن تتبع مساهمة الاتحاد مسارًا خطيًا من عام 2030 إلى 2040، لضمان بقاء أوروبا في موقع الريادة العالمية في مكافحة تغير المناخ.
وفي وقت تراجعت فيه التزامات اقتصادات كبرى أخرى – بما في ذلك الولايات المتحدة – تجاه العمل المناخي، ينبغي على أوروبا أن تظل متمسكة بالتحول الأخضر وأن تعمل نحو تحقيق نتائج ناجحة في مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ (COP30) لهذا العام في بيليم، البرازيل. في خضم الاضطرابات الجيوسياسية الحالية، تشكل هذه المسألة اختبارًا حاسمًا للاتحاد الأوروبي، الذي يمكنه إظهار دعمه للنظام الدولي القائم على القواعد من خلال العمل المناخي – وهو نهج يخدم مصالحه ومصالح الآخرين.
من خلال الالتزام بسياسات مناخية جريئة، والأهم من ذلك، تنفيذها بفعالية، يمكن للاتحاد الأوروبي أن يعالج تحدياته الاقتصادية واعتماده المفرط على مصادر غير آمنة، مع تأمين موقعه كقائد عالمي في التنمية المستدامة. وإذا لم تحدد أوروبا المعايير العالمية، فمن غير الواضح من سيفعل ذلك – بالتأكيد ليس الولايات المتحدة في ظل قيادتها الحالية. ومن ثم، فإن هدف عام 2040 يمثل فرصة يجب على أوروبا اغتنامها لضمان تنافسيتها وازدهارها وأمنها في المستقبل.
1 24 زيارة , 1 زيارات اليوم